بسم الله الرحمن الرحيم
المقدم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الغير الميامين، امّا بعد. فهذه المقالة " أحول الشعر الجاهلي" سيبين عن كيف أحوال الشعر في العصر الجاهلي، يعني عن نشأة الشعر الجاهلير و روايته و أغراضه و أسلوبه و معانيه. يقدم هذه المقالة لمدة تاريخ الأدب العربي.
والباحثان يرجوانه تعالى أن ينتقبل عملهما خالصا لوجهه وهو خير معين.
تعريف الشعر
النظم هو القسم الثاني من قسمى الكلام. وعرفه العرضيون بأنه الكلام الموزون المقفى قصدا، ويرادفه الشعر عند هم. أمّا المحققون من الأدباء فيخصون الشعر بأنة الكلام الفصيح الموزون المقفى المعبر غالبا عن صور الخيال البديع. واذ كان الخيال أغلب مادته أطلق بعض العرب تجوزا لفظ الشعر على كل كلام تضمن خيالا ولو لم يكن موزونا مقفى. وهو يوافق رأى قدماء الأفرنج ومحد ثيهم في شعرهم، ورأى المناطقة أيضا لأن المنطق مستمد من اليونان.
نشأة الشعر الجاهلي
الشعر عند العرب هة الأثر العظيم الذي حفظ لنا حياة العرب في جاهليتهم، وإذا كانت الأمم الأخرى تخلد مآثرها بالبنيان و الحصون فان العرب يعولون على الشعر في حفظ تلك المآثر ونقلها إلى الأجيال القادمة. يقول ابن سلام : (وكان الشعر في الجاهلي عند العرب ديوان علمهم ومنتهى حكمهم به يأخذون واليه يصيرون). فالشعر عند العر له منزلة عظيمة تفوق منزلة تلك الأبنية. ومع اهتمام العرب العظيم بالشعر إلا أننا لم نقف على محاولاتهم الأولى، وانما وجدنا شعرا مكتمل النمو مستقيم الوزن تام الأركان.
والشعر العربي قديم ولكن الذي وصل إلينا هو ما قيل في العصر الجاهلي، ومما يدل على قدّم الشعر. فبكاء الديار في زمن امرئ القيس ليس جديدا فقد بكاها شعراء قبله منهم ابن حذام الذي لم يصل إلينا من شعره شيء، وأما عنترة فيقول لقد سبنا الشعراء ألى المعاني فإذا قلنا شعرا فإنما نكرر معاني القدماء. وقد قال ابن سلام : (ولانجد لأولية العرب المعروفين شعرا)
ويرى ابن سلام أن أول ما وصل إلينا من الشعر قول العنبر بن عمروبن تميم.
ووصلت إلينا بعد ذلك أشعار المهلهل بن ربيعة وامرئ القيس وغير هم من شعراء الجاهلي، فأول من قصد القصائدو وأكثر من قول الشعر الذي وصل إلينا هو المهلهل بن ربيعة التغلبي الربعي وعلى هذا تكون قبيلة ربيعة هي أول قبيلة عرف فيها الشعر، ومن شعراء هذه القبيلة في العصر الجاهلي طرفة والحارث ابن حازة والأعشى وعمروبن كلثوم. والشاعر الثاني الذي يلي المهلهل في القدم امرؤ القيس وهو شاعر قحطاني أصله من اليمن ولكنه عاش في نجد بين القبائل العدنانية، وشعره أقدم شعر جيد.
والقبيلة الثاني هي قبيلة قيس فقد اشتهرت من شعراء هذه القبيلة في العصر الجاهلي عدد كبير النابغة الذبياني الجعدى ولبيد بن ربيعة. وتأتي قبيلة تميم في الدرجة الثالثة فالشعر العربي نشأ ونقل عن هذه القبائل الثلاث، وهذا لا يمنع أن تكون قبيلة مضر بجميع فروعها تقول الشعر، وأن القبائل العدنانية والقحطانية فيها شعراء في العصر الجاهلي.
ومواطن نشأة الشعر الجاهلي بلاد نجد والحجاز والبحرين (شرقي الجزيرة العربية)، أمااليمن وعمان فلم تكونا موطنا لنشأة الشعر العربي، أما اليمن فكانت لغته في الجاهلي اللغة الحميرية، وأما عمان فكان يخالط سكانه الفرس والهنود.
رواية الشعر العربي
الشعر العربي وصل الينا عن طريق الرواية، فالذين رووا الشعر الجاهلي بعد ظهور الإسلام كانت روايتهم لاتتعدى الجد الرابع أو الخامس. أما ما يقال عن تدوين الشعر بالكتابة في العصر الجاهلي فهو قول فيه نظر.
أغراض الشعر الجاهلي
أغراض الشعر الجاهلي هي الموضوعات التي نظم فيها شعراء الجاهلي شعرهم، فإذا كان قصد الشاعر وغرضهه من الشعر الاعتزاز بنفسه أو قبيلته فشعره فخر، وإذا كان قصد الشاعر التعبير عن الإعجاب بشخص ما في كرمه أو شجاعته أو غير ذالك فشعره مدح، وإذاكان قصده و غرضه النيل من شخص ما وتحقيره فذلك الهجاء، وإذا كان الشاعر يهدف ألى إظهار الحزن والأسى فذلك الرثاء، وإذا حلّق الشاعر في الخيال فرسم صورا بديعة فذلك الوصف، وإذا عبّر عن حديثه مع النساء فذلك الشعر هو الغزل، وإذا استعطف بشعره أميرا أو غيره فهو الاعتذار، وإذا نظر في الكون حياة الناس فتلك الحكمة.
أغراض الشعر الجاهلي التي نريد بسط القول فيها هي: المدح، الهجاء، الرثاء، الفخر، الوصف، الغزل، الاعتذار، و الحكمة.
معاني الشعر الجاهلي
معاني الشعر الجاهلي هي الخواطر والنزعات التي تجول في ذهن الشاعر فلا نعرفها حتى يؤديها في قوالب شعرية، فالمعني في الشعر كالروح في الجسد، فالروح هي أقوام الجسم ولكنها لا توجد إلا حيث يوجد الجسم وكذلك المعنى في الشعر لا يوجد إلا بوجود الألفاظ،ومعاني الشعر الجاهلي كثيرة ومتنوعة، فهويعبر عن الجود والكرم والشجاعة كما يعبر عن الخوف والقلق والألم وطول الليل.
ويعبر الشعر الجاهلي عن وفاء الأصدقاء وعن نهاية الإنسان ومصير، فزهير بن أبي سلمى شاعر جاهلي لم يدرك الإسلام ولذلك فانه يرى أن المنية مثل خبط الناقة الشعراء وهي التي لا تبصر باليل فان كنت في طريقها وطأتك وان لم تكن في في طريقها نجوت.
ومعاني الشعر الجاهلي هو معان واضحة ليس فيها تعقيد ولا تكلف، فالشعر يفال على اليديهة أحيانا او يقال استجابة للرغبة التى يحس بهاالشاعر، وأما ما ينقل عن زهيربن أبي سلمى من أنه يعد شعره قيل عرضه على الناس بزمن طويل فان ذلك لا يدخل في باب التكلف وإنما يريد الزهير تجويد شعره بإعادة النظرفيه عدة مرات قبل عرضه على الناس وانتشاره بينهم.
ومما يوصف به معاني الشعر الجاهلي الاعتدال في أداء المعنى وعدم المبالغة، وليس معنى ذلك أن المبالغة غير موجودة فالشر الجاهلي فيه بعض المبالغات ولكنها قليلة إذا قورنت بالمبالغة في الشعر العبسي.
ومما تتصف به معاني الشعر الجاهلي المحافظة على ما تعارف عليه الشعراء أو النقاد من المعاني، فنجد معاني الشعراء مامتشابهة في الفخر و المدح والرثاء وغيرها ولذلك لم يجرؤ أي شاعر على ابتكار معان جديدة فأصبحت المعاني الجاهلية تتشابه في معظم القصائد.
أسلوب الشعر الجاهلي:
عندما نستعرض الشعر الجاهلي نجده متشابها في أسلوبه، فالقصيدة الجاهلي تبدأ بالوقوف على الأطلال وذكر الأحبة وينتقل الشعر الجاهلي إلى وصف الطريقة الذي يقطعه فيه من وحش، ثم يصف ناقته، وبعد ذلك يصل إلى غرضه من مدح أو غيره، وهذا هو النهج والأسلوب الذي ينتهجه الجاهليون في معظم القصائدهم ولا يشذعن ذلك ألا القليل من الشعر. وإذا أردنا أن نقف على أسلوب الشعر الجاهلي فلابد لنا من النظر في الألفاظ و التراكيب التي يتكون منها ذلك الشعر.
فألفاظ الشعر الجاهلي قوية صلبة في مواقف الحروب والحماسة والمدح والفخر، لينة في مواقف الغزل، فمعظم شعر النبغة الذبياني و عنترة العبسي وعمروبن كلثوم من النوع الذي يتصف بقوة الألفاظ. ومعظم ألفاظ الشعر الجاهلي يخترها الشعر استجابة لطبعه دون انتقاء و فحص، ولكنها تأتي مع ذلك ملائمة للمعنى الذي تؤديه. وألفاظ الشعر الجاهللي مفهومة في معظمها ولكنها مع ذلك تشتمل على الغريب والغريب يكثر في الرجر. ويغلب على الألفاظ الجاهلية أداء المعنى الحقيقي أما الألفاظ التى تعبر عن المعني المجازية فهي قليل.
والتراكيب التي تنتظم فيها الألفاظ تراكيب كحكمة البناء متينة النسج متراصة الألفاظ، وخير شاهد على ذلك شعر النبغة الذبياني، وشعر زهيرابن أبي سلمى.
وملامح الأسلوب العامة تتبين لنا بعد أن تعرفنا على الألفاظ و التراكيب، فهو أسلوب قوي متين تعتريه الغرابة أحيانا، وهو يسير مع طبيعة الشعر وسجيته، فليس فيه تكلف أو صنعة، ولا يوجد من شعراء الجاهلية نت يعيد النظر في شعره مرة بعد مرة إلا زهير بن أبي سلمى، أما بقية الشعراء فهم يقولون شعرهم ويذيعونه في الناس بدون مراجعة أو إعادة نظر فيأتي أسلوبهم معبرا عن طبيعة الشاعر وطبيعة الشعر الخالي من التكلف. وأسلوب الجاهلي و ان كانت تعتريه الغرابة أحيانا كما نجد في شعر تأبط شرا أو الشنفري أو بعض الشعر النابغة، إلا أنه أسلوب و اضح ليس فيه خفاء أو تعقيد.
المراجع
أحمد الإسكندرى و مصطفى عننى: الوسيط في الآدب العربي و تاريخه.مصر: دار المعارف يمطر. 1347 ه- 1928 م
Tidak ada komentar:
Posting Komentar